«من مآثر الرئيس فؤاد السنيورة» هو عنوان الفصل
الثالث عشر في كتاب «الإبراء المستحيل». في هذا الفصل يشير الكتاب إلى مخالفة اليانصيب والتيكوتاك. يروي الكتاب هذه المخالفة ساخراً من كونها «مآثر السنيورة»

 

قبل العاشر من آب 1985، لم يكن في لبنان سوى نوع واحد من اليانصيب هو «اليانصيب الوطنيّ» الذي أنشئ في مطلع الأربعينيّات من القرن الماضي، بالإضافة إلى «اليانصيب الخاص» الذي لا يرخّص بإجرائه إلاّ للمؤسّسات والجمعيّات القائمة قانوناً، والتي تهدف إلى عمل البرّ والإحسان أو إلى تنمية الروح الثقافيّة والاجتماعيّة، وكذلك للمؤسّسات والمحلاّت التجاريّة على سبيل الدعاية والإعلان. وهذا النوع من اليانصيب، أي اليانصيب الخاصّ، لا يسمح ببيع بطاقاته على الطرقات. في 10 آب 1985، صدر القانون 7/85 الذي أقرّت بموجبه الموازنة العامّة والموازنات الملحقة للعام 1985، فأجازت المادّة 48 منه إنشاء أنواع أخرى من اليانصيب عندما نصّت على ما يلي: «يجوز لوزير الماليّة أن ينشئ أنواعاً من اليانصيب وأن ينظّم مختلف أوضاعها وأصول وطريقة إدارتها بقرار منه، وأن تجري وزارة الماليّة تلزيمها بموجب استدراج عروض».
عملاً بأحكام المادّة 48 من القانون 7/85، أصدر وزير الماليّة قرارين: الأوّل بتاريخ 19 آب 1985 ويحمل الرقم 206، فأنشئ بموجبه نوع إضافيّ من اليانصيب عرف باسم «اللوتو اللبنانيّ»، وحدّدت أصول إدارته. والثاني بتاريخ 31 كانون الأوّل 1985 ويحمل الرقم 338/1/ج، فأنشئ بموجبه نوع إضافيّ آخر من اليانصيب عرف باسم «التيكوتاك»، وحدّدت أصول إدارته.
إلاّ أنّ إجازة إنشاء أنواع جديدة من اليانصيب قد ألغيت بموجب المادّة 28 من القانون 14 الصادر بتاريخ 20 آب 1990، والذي أقرّت بموجبه الموازنة العامّة والموازنات الملحقة لعام 1990، وألغيت فيه جميع أنواع اليانصيب المنشأة سنداً لأحكام المادّة 48 من القانون 7/85.
فقد نصّت المادّة 28 من القانون 14/90 على ما يلي: «يلغى نصّ المادّة الثامنة والأربعين من قانون موازنة عام 1985، وتعتبر ملغاة جميع أنواع اليانصيب المنشأة استناداً لأحكام المادّة الثامنة والأربعين الآنفة الذكر. وتستمرّ شركتا اليانصيب العاملتان بموجب تلزيمين، الأوّل ينتهي في 4/3/1993، والثاني في 8/8/1993، بالعمل حتّى انتهاء مدّة التزام كلّ منهما، حيث تتوقّفان نهائيّاً عن العمل، ولا يجوز عندئذ لا تمديد الالتزام ولا تجديده لأيّ سبب كان».
إلاّ أنّ وزير الماليّة بالوكالة عند انتهاء الالتزام السيّد فؤاد السنيورة لم يلتزم أحكام المادّة 28 من القانون 14/90، وقام بتلزيم يانصيب «اللوتو» اعتباراً من تاريخ 4 آذار 1993، وبتلزيم يانصيب «التيكوتاك» اعتباراً من تاريخ 8 آب 1993.
وقد استمرّت هذه المخالفة إلى أن تمّت تغطيتها بعد نحو خمس سنوات بموجب المادّة 41 من القانون 671 الصادر بتاريخ 5 شباط 1998، والذي أقرّت بموجبه الموازنة العامّة والموازنات الملحقة للعام 1998، إذ نصّت هذه المادّة على ما يلي: «خلافاً لأحكام المادّة الثامنة والعشرين من القانون 14 المتعلّق بتصديق الموازنة العامّة والموازنات الملحقة للعام 1990، يعاد العمل بنوعي اليانصيب اللوتو والفوريّ المنشأين استناداً لأحكام المادّة الثامنة والأربعين من القانون 7/85 تاريخ 10/8/1985 (موازنة عام 1985) وتعدّل أنظمتها وفقاً لأصول إقرارها، ويجاز لوزارة الماليّة أن تلزّمها بموجب استدراج عروض، كلّيّاً أو جزئيّاً. ويسري مفعول إعادة العمل بها اعتباراً من تاريخ 4/3/1993 بالنسبة إلى تلزيم النوع الأوّل (اللوتو)، واعتباراً من تاريخ 8/8/1993 بالنسبة لتلزيم النوع الثاني (الفوري)، ولغاية تاريخ البدء بتنفيذ التلزيم الجديد لكلّ منهما».
إلا ان ملتزم يانصيب التيكوتاك الذي رسا عليه تلزيم الوزير السنيورة في عام 1993 قد خالف دفتر شروط التلزيم وأدخل كميات من البطاقات تزيد على العدد المجاز إدخاله، ممّا استوجب تغريمه بأكثر من 6 مليارات ليرة. غير ان مستشار الوزير السنيورة آنذاك أجرى تسوية مع الملتزم المخالف فوّتت على الخزينة نحو 5 مليارات ليرة، فأصدر ديوان المحاسبة عدّة قرارات قضائية حدّدت مسؤولية الموظفين المخالفين، ومسؤولية مستشار الوزير السنيورة، وتركت لمجلس النواب تحديد مسؤولية الوزير السنيورة بسبب صفته الوزارية أثناء المخالفة وأثناء إجراء التسوية.
والغريب أنّ المخالفة الماليّة موضوع قرارات ديوان المحاسبة 34/رق الصادر بتاريخ 16 آذار 2009 و 73/رق الصادر بتاريخ 12 آب 2010 و 65/رق الصادر بتاريخ 27 تمّوز 2011، والتي ضيّعت على الخزينة حوالي خمسة مليارات ليرة لبنانيّة قد اكتشفت خلال العام 1996، أي خلال فترة التمديد ليانصيب «التيكوتاك» خلافاً لأحكام المادّة 28 من قانون موازنة العام 1990.
والنتيجة، مخالفة في التمديد، وتغطية لمخالفة ارتكبت خلال التمديد. ألا يحقّ التساؤل عن السبب؟! يبدو أنّ المخالفة طبع لدى السنيورة، الرئيس والوزير. ومن شبّ على شيء شاب عليه.
أليس السنيورة هو بطل مخالفات الإنفاق على أساس مشاريع الموازنات منذ العام 2006، والتي أدّت إلى تجاوز في الإنفاق العامّ تجاوز الـ11 مليار دولار أميركيّ خلال أربع سنوات؟!


مخالفات مديرية اليانصيب

يشير ديوان المحاسبة في قراره رقم 34 بتاريخ 16/3/2009، إلى وجود مخالفات مالية في مديرية اليانصيب الوطني ناتجة عن استيراد كمية من بطاقات أوراق اليانصيب الفوري «تيكوتاك» إضافة عن تلك المصرّح عنها. وأشار الديوان إلى أن الشركة اللبنانية للاستثمار التزمت إدارة واستثمار اليانصيب الفوري بموجب استدراج عروض في عام 1985، وأن البند 21 من دفتر الشروط الخاص وسنداً للاتفاق الرضائي بين وزارة المال والشركة الملتزمة يعود لمديرية اليانصيب الوطني حصة من أثمان إصدارات اليانصيب الفوري تجبى شهريا بالاستناد إلى رقم مبيعات معين، على أن لا تقل نسبتها عن 16.022%. وبما أن الشركة الملتزمة قامت ومنذ عام 1992 ولغاية عام 1996، باستيراد كميات إضافية من بطاقات اليانصيب الفوري من دون التصريح عنها. وبما أن مصلحة المراقبة في إدارة الجمارك سطرت 18 مخالفة جمركية من نوع الدلالات الكاذبة في العدد والقيمة... وبما أنه تبيّن من التحقيق أن عدد البطاقات المستوردة منذ عام 1992 لغاية 9/5/1996 بلغ 34.91 مليون بطاقة وليس 20.5 مليون بطاقة كما صرّحت الشركة، ما يعني أن الفرق يكون 14.41 مليون بطاقة، وهي تعود لإصدارات مختلفة.
ويضيف القرار أن الكميات المستوردة لم تتم مصادرتها بل جرى بيعها من قبل الشركة الملتزمة، وأن الملتزم دفع بموجب تسوية مع وزارة المال مبلغ 1.1 مليار ليرة بدلاً من 6.01 مليار ليرة... ولفت القرار إلى أن «وزارة المال لم توضح ظروف وكيفية حصول هكذا تسوية إذ تبين أن التسوية جرت في مكتب وزير المالية بواسطة السيد بسام تميم (مستشار السنيورة)».